«على الكســــار».. الأب الروحـى للضحـك بمـصـر

كتب ماريو صفوت

ولد علي خليل سالم عام 1887 بحي السيدة زينب، وألحقه والده بالكتاب وسرعان ما ترك الكتاب دون أن يتعلم شيئًا. واستهوته الحياة الشعبية في حي السيدة زينب، وأطلق عليه اسم علي الكسار، وهو اسم جده لأمه، بدلاً من “علي خليل”، نشأ رقيق الحال وعمل صبيًا في مطعم صغير، وتعلم صناعة الطبخ، وأصبح ماهرًا في صنع الطعام، وفي تلك الفترة اختلط بالنوبيين وأتقن لهجتهم وكلامهم.

مشواره الفني

بدأ حياته الفنية 1907 بتكوين فرقة مسرحية “دار التمثيل الزينبي”، وفي 1925 كون فرقة تحمل اسمه، وابتكر علي الكسار شخصية “البربري المصري” عثمان عبد الباسط، النوبي الطيب لينافس “نجيب الريحاني” في شخصيته “كشكش بك” عمدة كفر البلاص، وشخصية عثمان عبد الباسط تعد استجابة صادقة للنموذج المصري العميق في مصريته، ولقيت هذه الشخصية رواجًا كبيرًا من رواد المسرح، إذ وجدوا فيه تمثيلاً بارعًا لرجل الشارع الصميم في الحياة اليومية، في بساطته وطيبته وروحه المرحة الصافية، وفيه استمساك بالأخلاق التقليدية الفاضلة. وقد صور الكسار تلك الشخصية في مسرحياته الهزلية خير تصوير، وأداها أجمل أداء، فكان هو عماد تلك المسرحيات، بل كل شيء فيها. لقد كان الكسار حاضر البديهة في النكتة والفكاهة، وكون لنفسه فرقة هزلية كان هو بطلها.

ونجحت الشخصية نجاحاً عظيماً ولا تزال خالدة في ذاكرة التمثيل العربي. وفي عام 1924 قفز بفرقته قفزة هائلة عندما انضم إليها الموسيقار الكبير الشيخ “زكريا أحمد”، الذي قدم لها العديد من الألحان المسرحية. في عام 1934 سافر إلى الشام وقدم مسرحياته هناك ولاقت نجاحاً كبيراً، بعد ذلك مر بأزمة أدت إلى إغلاق مسرحه بالقاهرة بعد أن قدم مايزيد على 160 عرضاً مسرحياً. اتجه بعدها إلى السينما وقدم فيها عدداً من الأفلام الناجحة.

علاقة الكسار بالريحاني

كان من الطبيعي أن يدخل الكسار في منافسة مع الفنان الكوميدي نجيب الريحاني، فيقدم الريحاني عملاً بعنوان “الدنيا جرى فيها إيه”، فيرد الكسار بعمل عنوانه “الدنيا بخير”. يقدم الكسار مسرحية “أحلاهم”، فيرد الريحاني بمسرحية “ولو”، وغير ذلك من الأعمال التنافسية، التي جعلت الاثنان يقدمان أفضل ما لديهما لإسعاد الجمهور وإثراء الحياة الفنية المصرية.

الكسار والسينما

بدأ على الكسار التوجه للسينما عام 1920، وذلك عندما شارك أمين صدقى فى فيلم قصير حمل اسم «الخالة الأميركانية» أخرجه الإيطالى «بونفيللى» وكان هذا الفيلم القصير صامتا، ثم انقطع الكسار عن السينما التى كانت فى بدايتها فى ذلك الوقت، لكن مع ازدياد الحركة السينمائية، ومع دخول نجيب الريحانى وفؤاد الجزايرلى وجورج أبيض على عالمها الرحب، بدأ الكسار يعود إلى السينما عام 1935 مع المخرج «الكسندر فاركاش» من خلال فيلم «بواب العمارة»، وانطلق على الكسار سينمائيا وتوالت أفلامه مع المخرج «توجو مزراحى» وأول أفلام هذا الثنائى الكسار ومزراحى كان عام 1936بفيلم غفير الدرك،

و وثق الكسار علاقته برائد الأفلام التسجيلية “محمد بيومي”، الذي تلقى علوم السينما في ألمانيا، وقدم الأفلام التسجيلية عن عودة سعد زغلول من أوربا في بداية العشرينيات عقب ثورة 1919، وسجل خطب سعد أمام الجماهير من بيت الأمة.

والجدير بالذكر أن الكسار لم يذهب إلى السينما، وإنما جاءت السينما إليه بعد أن ذاع صيته في المسرح، ونجح نجاحًا ملحوظًا، وأنتج له “توجو مزراحي” كل أفلامه، ونجح الكسار في السينما مثلما نجح في المسرح.

وقد قدم الكسار الكثير من الأفلام السينمائية، من أشهرها:

علي بابا والأربعين حرامي

محطة الأنس

سلفني 3 جنيه

عثمان وعلى

100 ألف جنيه

الساعة سبعة

نور الدين والبحارة الثلاثة

التلغراف

المسرح

وفى منتصف الأربعينات بدأ الكسار يتراجع مسرحيا بعد أن مر بالعديد من الأزمات المالية التى ظهر أثرها فى عدم انتظام عروض الفرقة حتى تم إغلاقها تماما فى نهايات الأربعينات، ومنذ هذا التاريخ توقف «على الكسار» عن المسرح وكان رصيده فيه يتجاوز الــ 160 مسرحية.

المليونير الخفي

لقب “على الكسار” كذلك بالمليونير الخفى، وذلك نتيجة للتغيير الذى طرأ على حياته، لقد كان تغييرا شاملا نقله من جانب إلى الجانب المعاكس تماماً، لقد كان واحداً من الطبقة الكادحة، وأصبح اسمه يملأ السمع والبصر فى كل البلاد، وصالح المواطن الكادح من مشاهير عصره ويمتلك ثروة كبيرة جداً.

وفاته

وفي 15 يناير عام 1957، رحل علي الكسار عن عالمنا وهو في التاسعة والستين من عمره، بعد أن قضى عليه سرطان البروستاتا، إذ دخل لإجراء عملية جراحية في مستشفى قصر العيني، وأعطى لابنه عصاه، وهو يودعه قائلًا له: “خد معاك العصايا دي وخلي بالك منها”، وتعانقا ليكون هذا اللقاء الأخير بينهما.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *